✨ الأميرة أضواء بنت فهد بن سعود آل سعود: سيدة الأمل التي غيّرت معادلة العطاء

من بين أسوار القصور ومجالس الحكم التي صاغت معالم الدولة السعودية الحديثة، خرجت شخصيات صنعت بصمتها في التاريخ بجرأة القادة ورهافة قلوب العظماء. وفي القرن الحادي والعشرين، تتجدّد هذه الحكاية عبر الأميرة أضواء بنت فهد بن سعود آل سعود، حفيدة الملك سعود بن عبدالعزيز، التي حملت راية العطاء من سيرة أجدادها، وأعادت تعريف العمل الخيري على نحو يليق بعصر الرؤية والطموح اللامحدود.

ولدت الأميرة أضواء في بيتٍ لا يُعلّم أبناءه كيف يكون العطاء، بل يزرعه في عروقهم منذ الطفولة؛ إذ ورثت عن جدها الملك سعود – الذي امتد كرمه من قصر الحكم إلى بيوت المساكين – روحًا لا ترتاح إلا وقد تركت في الناس بذرة أمل جديدة.


🕊️ البدايات.. حين صار الحلم فكرة

لم تكن الأميرة أضواء كغيرها ممن اكتفوا بتوقيع شيك أو حضور مناسبة خيرية بروتوكولية. بل منحت سنواتها الأولى لإعادة ترتيب سؤال بسيط: كيف نجعل المحتاج مكتفٍ بذاته؟ كيف نرفع ذوي الإعاقة من مرحلة الاحتياج إلى الإنتاج؟

هكذا ولدت فكرة “معًا نحقق الأمل” – مبادرة صغيرة في بدايتها، تحولت لاحقًا إلى جيش من المتطوعين تجاوز عددهم المئتين، يعملون ليل نهار في تجهيز المبادرات، زيارة الأسر، تأهيل ذوي الإعاقة، صناعة فرص العمل للمستضعفين، وإعادة دمج الأيتام في نسيج المجتمع.

ولم تكن الأميرة تشرف من بعيد، بل كانت – وما زالت – تنزل بنفسها إلى مقار الجمعيات، تدخل غرف المرضى، تحاور الأيتام، تُشرف على خطط التدريب، بل وقد تُملي بنفسها صياغة بعض البرامج التي تضمن الاستدامة.


🌟 جمعية “أضواء الخير”: حين يصبح الاسم عنوانًا للفعل

لم تكتفِ بمبادرة عابرة، فأسست رسميًا جمعية “أضواء الخير” الاجتماعية في الرياض، لتكون المظلة التي تحتضن طموحها الخيري المتسع. لم تأتِ الجمعية لتوزيع صدقات موسمية أو إغاثات طارئة فقط، بل لرسم خارطة طريق لتأهيل ذوي الإعاقة وتمكينهم، لتتحول أسر كاملة من عالة إلى نماذج إنتاجية.

في حفل التدشين، ظهرت الأميرة أضواء وهي تخاطب الحضور بلهجة الأم المسؤولة، التي تفهم أن الإنسانية لا تقف عند حد إعطاء المال، بل تمتد إلى رعاية النفس قبل الجسد، وتهيئة الطريق أمام كل إنسان ليستعيد قدرته على الاعتماد على نفسه.

تقول في أحد لقاءاتها:
“لسنا جمعية تطرق الأبواب مرة في رمضان ثم تختفي. نحن نريد أن نحفر في العمق؛ أن نحول الإعاقة إلى طاقة، والحرمان إلى اكتفاء.”


🕯️ مواقف إنسانية.. الدفء وسط العاصفة

لعل أكثر ما يلفت في سيرة الأميرة أضواء أنها لا تكتفي بالإعلان عن مشاريعها عبر الورق أو المنصات. في عز الشتاء، حين اشتدت الحاجة ذات موسم، قادت بنفسها حملات كسوة الأسر المحتاجة، ونزلت إلى أسواق “كسوة الخير” التي نظمتها لتجمع بين العفة والستر والفرح.

كانت تشرف على توزيع الأغطية والمعاطف بنفسها، تسأل الأم عن أطفالها، وتستمع لشكاوى العجائز، في مشهد يندر أن يتكرر في عصرٍ باتت فيه الأرقام تطغى على القلوب.

ويحكي بعض المتطوعين كيف أنها كانت ترفض العودة إلى منزلها حتى تتأكد أن كل أسرة غادرت السوق ويدها مملوءة بما يليق بكرامتها. ويشهد لها فريقها بأنها كانت تقول دومًا: “لا نريد أن يتسول المحتاج فرحتنا. نريد أن نعطيه بقدر ما نستطيع أن نجعل ابتسامته لا تشعره بالنقص.”


🏆 جوائز استحقتها بجدارة

لم يكن غريبًا أن تنال الأميرة أضواء لقب “شخصية العام عالميًا لعام 2019” من المنظمة الفيدرالية لأصدقاء الأمم المتحدة، التي منحتها أيضًا الدكتوراه الفخرية وعضوية مدى الحياة، تكريمًا لجهودها الملموسة في الدفاع عن قضايا الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.

هذا التقدير لم يأتِ من فراغ، بل بُني على أثرٍ حقيقي في المجتمع؛ فهي لم تركن لمجرد الوجاهة البروتوكولية، بل صنعت شبكة علاقات قوية مع الجمعيات العربية والعالمية، وتولت مناصب شرفية مثل نائب ثاني لرئيس الاتحاد العربي للتضامن الاجتماعي، وسفيرة للفيدرالية العالمية.


🌍 بين الداخل والخارج: رسالة إنسانية لا تعرف حدودًا

تقول الأميرة أضواء: “الخير رسالة لا تحمل جواز سفر.”
ولهذا تجاوزت مشاريعها حدود العاصمة الرياض. زارت جمعيات مثل “كيان للأيتام” وأطلقت برامج بالشراكة مع جمعيات رعاية كبار السن، وامتدت شراكاتها إلى الفيدرالية العالمية ومنظمات دولية تعمل على دعم حقوق ذوي الإعاقة.

ومع كل مبادرة، كانت الأميرة تُصرّ أن يكون التركيز على التحفيز لا المنح المجرد. لذلك أعادت تصميم ورش العمل، وشاركت خبراء تأهيل عالميين، وأدخلت مفاهيم ريادة الأعمال لذوي الإعاقة، لتزرع فيهم ثقة أن الإعاقة ليست نهاية الحلم.


💫 قصص صغيرة… ولكنها تصنع التاريخ

أجمل ما في قصة الأميرة أضواء أنها مليئة بالمواقف الصغيرة التي لا يلتقطها الإعلام دائمًا. تحكي إحدى الأمهات كيف أنها طرقت بابها يومًا ومعها فريق طبي لتوفير علاج عاجل لطفلها المصاب بضمور في العضلات، في وقتٍ كانت فيه الأسرة عاجزة عن دفع تكاليف النقل إلى المستشفى.

ويحكي أحد المسنين أنه بعد لقاء قصير مع الأميرة أثناء زيارة ميدانية، عاد ليجد منزله وقد رُمم بالكامل، وجهّز بأدوات تناسب حالته الصحية، وكل ذلك دون إعلان أو ضجيج.


🪶 رؤيتها للمستقبل.. الكرم المؤسسي

يعتقد كثيرون أن العطاء يقتصر على جيب المتبرع، لكن الأميرة أضواء غيّرت هذه القاعدة، إذ تقول: “التبرع رزقٌ مؤقت، أما التمكين فهو رزقٌ مستدام.”

لذلك ركزت في كل خططها على أن يتحول العطاء من مبادرة فردية إلى منظومة مؤسسية تُدار بكفاءة وشفافية. وهذا ما جعل جمعية “أضواء الخير” نموذجًا يستحق أن يُدرّس في كيفية مواءمة العمل الإنساني مع رؤية المملكة 2030، عبر الشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص.


🌹 إنسانية تنبت في صمت

ربما لا يعرف كثيرون أن الأميرة أضواء ترفض أي تكريم لا يعكس أثرًا حقيقيًا في حياة المستفيدين. هي تعتبر كل لقب عالمي حافزًا للزيادة لا وسامًا للتباهي. وتؤمن أن أعظم وسام تضعه على صدرها هو دمعة امتنان من مسنٍّ استعاد عافيته، أو بسمة يتيم عاد إلى مدرسته بكرامة.


🏰 على خطى الأجداد.. حلم لا ينطفئ

حين يقرأ المؤرخون سيرة الملك سعود – الجد – سيدركون كيف كانت خزائنه مشرعة لأهل الحاجة. وحين يرون اليوم كيف تُدير الأميرة أضواء جمعيتها بروح الجدّة الحنون والأخت الكبرى، سيدركون أن الكرم في عروق آل سعود ليس شعارًا، بل أسلوب حياة.

هي تؤمن أن الكرم ليس مناسبة موسمية، بل حقل يزرع فيه المرء عمره كله، حتى لو لم تحصد الثمار أمام أعينك. ولهذا تصر أن مشاريعها يجب أن تعيش بعدها، وأن يكون فيها من المرونة والابتكار ما يجعلها عصية على الاندثار.


.. كيف يُلهمنا نموذجها؟

قد يرى البعض في قصتها حكاية أميرة حظيت بفرصٍ لم تُتح لغيرها. لكن من ينظر عن قرب سيكتشف أن العمل الخيري الحقيقي لا يورّث بقرارٍ ملكي، بل يُبنى بالوقت والصبر ونزول الميدان.

الأميرة أضواء بنت فهد بن سعود آل سعود مثال حيّ على أن الوجاهة لا تكتمل إلا حين تُسخر لخدمة من لا صوت لهم. إنها تُذكّرنا أن من أراد أن يكون “نورًا” في ظلمة الحياة، لا بد أن يحرص أن يكون فعله أكبر من اسمه.

ولعل ما يُثلج الصدر أن قصتها لم تكتب فصلاً أخيرًا بعد. فما زالت مبادراتها تنمو، وجمعيتها تتسع، وفريقها من المتطوعين يكبر عامًا بعد عام، ليُصبحوا – بحق – أضواءً صغيرة تضيء الدروب المعتمة.


في زمنٍ يبحث فيه العالم عن قادة إنسانيين يُعيدون تعريف معنى القيادة بمعناها الأخلاقي، تقف الأميرة أضواء بنت فهد رمزًا معاصرًا يليق بأن يُذكر ضمن روّاد العطاء المؤسسي في الشرق الأوسط والعالم. هي درسٌ في أن الألقاب الملكية لا تصنع المجد وحدها، بل يُصنع حين يُخضَع الكرسي واللقب لخدمة من لا حيلة لهم.

فلننظر إلى سيرتها، ونستلهم منها أن كل واحد منا يستطيع أن يكون “أضواء” صغيرة، تنبت حيثما امتد الليل.


✍️ بقلم: ناصر السلمان – الموسوعة العالمية للكرم